المادة    
السؤال: {أبى الله أن يجعل لقاتل المؤمن توبة} حديث صحيح, كيف نوفق بين هذا, وبين قبول الله توبة الكافر, أو العاصي, لقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر
الجواب:هذا من أحاديث الوعيد, وأحاديث الوعيد نؤمن بها, ونبقيها على عمومها في الوعيد {إن الله حجب التوبة عن صاحب البدعة} فقد يتوب أصحاب البدع, لكن نبقي لهم أحاديث الوعيد, ونبقيها على ظاهرها, ومما يخرج من الجدال أن القاتل يتوب فيما بينه وبين ربه عز وجل, ولكنه لما قتل نفساً, فلا بد من القصاص منه لأن هذا حق أولياء المقتول إلا أن يعفوا، وبقي حق المقتول لأنه تتعلق ذمته بثلاثة حقوق: حق الله، وحق المقتول، وحق أولياء المقتول مثلاً: إذا أخذت على إنسان مالاً حراماً, فإنك تؤاخذ من جهتين: من جهة أنك عصيت أمر الله عز وجل, ومن جهة أنه حق للمخلوق, فلا بد للإنسان أن يستغفر الله, وأن يرجع حق المخلوق.
وهكذا القاتل إن أراد المخرج من ذلك, فإن عليه أولاً أن يتوب إلى الله مهما كان -والتوبة تقبل بإذن الله- ويقبل الله توبة العبد بأن يتوب ويقلع عن هذا الذنب, ومن أعظم ما يكفر ذلك -كما جاء في الحديث- أن يُقتل في سبيل الله عز وجل, وإذا لم يتح له ذلك فإنه يتوب ويتصدق ويجاهد بالأعمال الصالحة, لعل الله أن يكفر عنه, والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يوم القيامة إذا بعث هذا وذاك في موقف الحساب، فإنه يحكم بينهما، ويقتص للمظلوم، حتى إنه {يقتص من الشاة القرناء للشاة الجلحاء} أي: الشاة التي لها قرون والشاة التي ليس لها قرون إذا نطحتها، وإذا رأى الله صدق توبته وكانت له أعمال صالحة، فإنه يرضي خصمه برفع منـزلته ويعفو عنه برحمته.